كُلُّ دِرْهَمٍ بِعَشرَةٍ
فِي عَهْدِ الْخَلِيفَةِ أَبِي بَكْرٍ
الصدِّيقِ أَصابَ النَّاسَ جَفَافُ وَجُوعُ شَدِيدَانِ، فَلَمَّا ضاقَ بِهِمُ
الْأَمْرُ ذَهَبُوا إِلَى مَجْلِسِ الْخَلِيفَةِ
أَبِي بَكْرٍ وَقَالُوا: يَا خَلِيفَةَ
رَسولِ اللهِ، واللهِ لَقَدْ أَدْرَكَ النَّاسَ الْهَلاك؛ فَالسمَاءُ لَمْ
تُمْطِرْ، وَالْأَرْضُ لَمْ تُنْبِتْ، وَسَادَ الْجُوعُ وَعَمَّ الْفَقْرُ.
فَمَاذَا نَفْعَلُ؟
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: اصبِرُوا،
وَتَضرَّعُوا إِلَى اللهِ بِالدُّعَاءِ، فَإِنِّي أَرْجُو أَلَّا يَأْتِيَ
الْمَسَاءُ حَتَّى يُفَرِّجَ اللهُ عَنْكُمْ.
وَعِنْدَ مَغْرِبِ الشمْسِ جَاءَ
الْخَبَرُ بِأنَّ قَافِلَةَ جِمَالٍ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَدْ أَتَتْ مِنَ
الشامِ إِلَى الْمَدِينَةِ مُحَمَّلَةً سَمْنًا وَزَيْتًا وَدَقِيقًا، فَلَمَّا
وَضعَتْ أَحْمَالَهَا فِي دَارِ عُثْمَانَ
جَاءَهُ التُّجَّارُ.
فَقَالَ لَهُمْ: مَاذَا تُرِيدُون؟
أَجَابَ التُّجَّارُ: بِعْنَا مِنْ هَذَا
الَّذِي وَ َصلَ إِلَيْكَ، فَإِنَّكَ تَعْرِفُ حَاجَةَ النَّاسِ إِلَيْهِ.
قَالَ عُثْمَانُ: كَمْ أَرْبَحُ عَلَى
الثَّمَنِ الَّذِي اشتَرَيْتُ بِهِ؟
قَالُوا: عَلَى الدِّرْهَمِ دِرْهَمَيْنِ.
قَالَ: أَعْطَانِي غَيْرُكُمْ زِيَادَةً
عَلَى هَذَا.
قَالُوا: نُعْطِيكَ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ.
قَالَ: أَعْطَانِي غَيْرُكُمْ أَكْثَرَ.
قَالُوا: نُرْبِحُكَ خَمْسَةً.
قَالَ: أَعْطَانِي غَيْرُكُمْ أَكْثَرَ.
قَالُوا: لَيْسَ فِي الْمَدِينَةِ
تُجَّارُ غَيْرُنَا، وَلَمْ يَسبِقْنَا أَحَدُ إلَيْكَ، فَمَنِ الَّذِي أَعْطَاكَ
أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَيْنَاكَ؟!
قَالَ عُثْمانُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ
أَعْطَانِي بِكُلِّ دِرْهَمٍ عَشرَ حَسَنَاتٍ، الْحَسَنَةُ بِعَشرِ أَمْثالِهَا،
فَهَلْ عِنْدَكُمْ زِيَادَةُ؟
قَالُوا: لَا.
قَالَ عُثْمَانُ: فَإِنِّي أُشهِدُ
اللَّهَ أَنِّي جَعَلْتُ مَا جَاءَتْ بِهِ هَذِهِ الْجِمَالُ صدَقَةً
لِلْمَسَاكِينِ وَفُقَرَاءِ المُسلِمِينَ.
ثُمَّ أخَذَ عُثْمَانُ يُوَزِّعُ
بِضاعَتَهُ، فَمَا بَقِيَ مِنْ فُقَرَاءِ الْمَدِينَةِ وَاحِدٌ إِلَّا أَخَذَ مَا
يَكْفِيهِ وَيَكْفِي أَهْلَهُ.
نشرف بتعليقاتكم