أَسدُ الْبَحْرِ ابْنُ مَاجِدٍ
أَحْمَدُ
بْنُ مَاجِدٍ مَلاحٌ عَرَبِيٌ أَصلُهُ مِنَ الْيَمَنِ، وَعَاشَ بِجُلَّفَارَ
إِمَارَةِ رَأْسِ الْخَيْمَةِ حَالِيًّا.
وَرِثَ
حُبَّ الْبَحْرِ عَنْ وَالِدِهِ الَّذِي كَانَ رُبَّانًا مَعْرُوفًا فِي الْبَحْرِ
الْأَحْمَرِ، وَكَانَ مُحِبًّا لِلْقِرَاءَةِ وَالاطِّلاعَ رَكِبَ الْبَحْرَ
وَهُوَ صبِيٌّ صغِيرُ مَعَ وَالِدِهِ، وَقَرَأَ كَثِيرًا مِنْ مُؤلَّفَاتِ
الَّذِينَ سَبَقُوهُ، خَاصةً فِي الْجُغْرَافْيَا وَعِلْمِ الْفَلَكِ.
طَبَّقَ
الْعِلْمَ فِي حَيَاتِهِ، فَكَانَ مَلاحَّا مَاهِرًا عَلَى دَرَجةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ
الثَّقَافَةِ، كَمَا فَاقَ وَالِدَهُ فِي مَجَالِ الْمِلاحَةِ فِي الْمُحِيطِ
الْهِنْدِيِّ، وَكَانَ عَلَى دِرَايَةٍ بِاللُّغَاتِ السائِدَةِ فِي تِلْكَ المنْطَقَةِ،
وَمِنْهَا الْفَارِسيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ وَالسوَاحِليَّةُ، بِالْإِضافَةِ إِلَى
لُغَتِهِ الْعَرَبِيَّةِ.
قَضى
ابْنُ مَاجِدٍ فِي الْبَحْرِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسينَ سَنَةً، وَابْتَكَرَ بَعْضَ
القِيَاسَاتِ الْفَلَكِيَّةِ وَالْبَحْرِيَّةِ، وَأَدْخَلَ بَعْضَ التَّحْسينَاتِ
عَلَى الْبُوصلَةِ، وَكَانَ يُسَمِّيهَا الْحُقَّةَ أَوْ بَيْتَ الْإِبْرَة،
وَهِيَ الآلَةُ الَّتِي تُوَضحُ الاتِّجَاهَ فِي الْبَحْرِ.
تَرَكَ
ابْنُ مَاجِد ثَلِاثينَ مُؤَلَّفًا، تُعَدُّ أَساسَ عِلْمِ الْمِلاحَة
الْبَحْرِيَّةِ، ذَكَرَ فِيهَا مَوَاقِعَ النُّجُومِ، وَطَرِيقَةَ استِعْمَالِ
الْبُوصلَةِ، وَوَصفَ الْبَحْرَ الْأَحْمَرَ وَجُزُرَهُ وَشعَابَهُ
الْمَرْجَانِيَّةَ. استَخْدَمَ فِي تَألِيفِ كُتُبِهِ الشعْرَ السهْلَ؛ لِيَسهُلَ
عَلَى الْمَلاحَّينَ حِفْظُهَا وَتَرْدِيدُهَا، كَمَا دَوَّنَ فِي مُؤَلَّفَاتِهِ
نَصائِحَ وَتَجَارِبَ مِلاحَيَّةً، لَعَلَّ الْمَلاحَّينَ يَستَفِيدُونَ مِنْهَا
فِي رِحْلاتَهِمْ.
نشرف بتعليقاتكم