فَوَائِدُ الْبِحَارِ
تَفَضلَ
الله سبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى الإِنْسَانِ
بِأَنْ سَخَّرَ لَهُ الْبَحْرَ، وَأَوْدَعَ فِيهِ مَا لَا يُحْصى مِنَ النِّعَمِ وَالثَّرْوَاتِ
الْمُتَنَوِّعَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يَعْجِزُ الْفَرْدُ عَنْ حَصرِهَا، قَالَ تَعَالَى:
(وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا
طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ
مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
فَالثَّرْوَةُ
السمَكِيَّةُ إحْدَى الثَّرْوَاتِ الطَّبِيعِيَّة الَّتِي عَرَفَهَا الْإِنْسَانُ مُنْذُ
وُجُودِهِ، وَاستَثْمَرَهَا بِأدَوَاتِهِ الْيَسيرَةِ مِنْ شبَاكٍ وَحِرَابٍ، وُصولاً
إلَى السفُنِ الْعِمْلاقَةِ الَّتِي تُستَخْدَمُ فِي صيْدِ الْأَسمَاكِ وَالْحِيتَانِ
وَغَيْرِهَا مِنَ الْكَائِنَاتِ الْبَحْرِيَّةِ.
إِنَّ
عَالَمَ الْأَحْيَاءِ الْبَحْريَّةِ هُوَ الْأَكْثَرُ تَنَوُّعًا، وَالْأطْيَبُ لَحْمًا،
وَالْأغَنَى بِالْقِيمَةِ الْغِذَائِيَّةِ، فَإِلَى جَانِبِ الثَّرْوَةِ السمَكِيَّةِ،
تُوجَدُ فِي أَعْمَاقِ الْبَحْرِ ثَرْوَاتُ أُخْرَى كَاللُّؤْلُؤ وَالْمَرْجَانِ، وَكِلاهُمَا
يُستَخْدَمُ فِي الزِّينَةِ وَصنَاعَةِ الْحُلِيِّ،
وَيُوجَدُ الْإِسفَنْجُ وَهُوَ الْكَائِنُ الْبَحْرِيُّ الْخَالِي مِنَ الْعِظَامِ
وَالْأَنْسجَةِ، وَلَهُ استِخْدَامَاتُ وَمَنَافِعُ مُبْهِرَةُ.
وَمِنْ
ثَرْوَاتِ الْبَحْرِ الْمِلْحُ الَّذِي يَطِيبُ بِهِ الطَّعَامُ، وَالْأَعْشَابُ وَالطَّحَالِبُ
الْبَحْرِيَّةُ الَّتي تَدْخُلُ فِي صنَاعَةِ الْأَدْوِيةِ. كَمَا أَنَّ تَبَخُّرَ
مِيَاهِ الْبِحَارِ الْمَالِحَةِ يُسهِمُ فِي تَكْوِينِ السحُبِ الَّتِي تُعَدُّ سَبَبًا
فِي إِمْدَادِ الْأَرْض بِالْمِيَاهِ الْعَذْبَةِ، كَمَا أنَّنَا الْيَوْمَ نَحْصلُ
عَلَى مِيَاهِ الشرْبِ عَنْ طَرِيقِ تَحْلِيَةِ مِيَاهِ الْبَحْرِ، وَتُعَدُّ
الْمَمْلَكَةُ الْعَرَبِيَّةُ السعُودِيَّةُ الْيَوْمَ أَكْبَرَ دَوْلَةٍ مُنْتِجَةٍ
لِمِيَاهِ الْبَحْرِ الْمُحَلاة فِي الْعَالَمِ.
وَمِنَ
الثَّرْوَاتِ الطَّبِيِعيَّةِ الثَّرْوَةُ النِّفْطِيَّةُ مِنْ زَيْتٍ خَامٍ،
وَغَازٍ طَبِيعِيٍّ، وَثَرْوَةٍ مَعْدِنِيَّةٍ.
كَمَا
أَنْعَمَ اللهُ سبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ بِالنَّقْلِ الْبَحْرِيِّ،
فَمَا تَحْمِلُهُ السفُنُ مِنَ الْأَقْوَاتِ وَالْبَضائِعِ وَالنِّفْطِ بَيْنَ
دُوَلِ الْعَالَمِ يَدْعَمُ التِّجَارَةَ وَالاقْتِصادَ، وَيُحَقِّقُ الْمَنَافِعَ
بَيْنَ النَّاسِ. فَلَهُ
الْحَمْدُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نِعَمِهِ.
نشرف بتعليقاتكم