مَا أَجْمَلَ الْعَمَلَ!
خَرَجَ
خَالِدُ إِلَى حَقْلٍ قَرِيبٍ مِنْ بَيْتِهِ، فَرَأَى فَلاحًا يُمْسكُ
بِمِحْرَاثِهِ وَيَعْمَلُ بِجِدٍّ وَنَشَاطٍ، اقْتَرَبَ مِنْهُ وَرَاحَ
يَتَأَمَّلُهُ، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِ، وَسَأَلَهُ: أَلَمْ
تَتْعَبْ يَا عَمَّاهُ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ؟!
ابْتَسَمَ
الْفَلاحُ وَأَخَذَ بِيَدِ خَالِدٍ وَجَلَسَا فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ، وَقَالَ: يَا بُنَيَّ، انْظُرْ إِلَى تِلْكَ الْعَصافِيرِ تَغْدُو
وَتَرُوحُ مَشغُولَةً بِبِنَاءِ أَعْشَاشهَا، وَالْبَحْثِ عَنْ طَعَامٍ تَأْكُلُهُ
وَتُطْعِمُ مِنْهُ فِرَاخَهَا.
وَانْظُرْ
إِلَى هَذِهِ النَّمْلات تَذْهَبُ وَتَجِيءُ، وَكُلُّ نَمْلَةٍ تَحْمِلُ قُوتَهَا
إِلَى بَيْتِهَا؛ كَيْ تُخَزِّنَهُ لِأَيَّامِ الشتَاءِ.
وَانْظُرْ
إِلَى تِلْكَ النَّحْلَةِ تَتَنَقَّلُ بَيْنَ الأَزْهَارِ؛ كَيْ تَمْتَصَّ
رَحِيقَهَا؛ لِتَصنَعَ مِنْهُ عَسَلا طَيِّبًا.
فَنَحْنُ
يَا بُنَيَّ يَجِبُ أَلَّا نَكُونَ أَقَلَّ مِنْ هَذِهِ الْكَائِنَاتِ عَمَلا
وَنَشَاطًا فَمَنْ جَدَّ وَجَدَ وَمَنْ زَرَعَ حَصدَ.
وَالْإِسلام
حَثَّنَا عَلَى الْعَمَلِ، حَيْثُ قَالَ صلى الله عليه وسلم: اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرُ لِمَا خُلِقَ لَهُ.
خَالِدٌ: حَقًّا يَا عَمِّي، فَمَا أَجْمَلَ
الْعَمَلَ! وَسَأَحْرِصُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى أَنْ أَكُونَ فِي
الْمُستَقْبَلِ عَامِلا نَافِعًا لِدِينِي وَوَطَنِي.
نشرف بتعليقاتكم